الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد .
أخي الحبيب
هل اتعظت من موت الناس ورحيلهم عن هذه الحياة الدنيا ؟!!....
إنه في كل يوم يرحل عنا الكثير من الناس : أطفال ونساء وشباب وشيوخ.....
هؤلاء كانوا يحرصون حرصك ويسعون سعيك ، ويأملون أملك ، ويعملون في هذه الدنيا عملك....
تذكر!!
ما كانوا عليه من الاعتناء بالملابس ونظافتها وبنضرة بشرتهم.....كانوا في النعيم يتقلبون!!...كانت لهم الأماني الكثيرة!!...منهم من يريد أن يكون طبيبا ، ومنهم من يريد أن يكون مهندسا ، والآخر وزيرا ، والآخر أميرا...
ولكنهم لم يفكروا يوما واحدا في أنهم سيرحلون عن هذه الدنيا !!
بل لم يخطر على بالهم أنهم سينتقلون من دار الدنيا إلى دار الآخرة؟!!
قد خدعتهم الدنيا بزخرفها ، وخدعتهم برونقها ، وحدثتهم بأحاديثها الكاذبة ، ووعدتهم بمواعيدها المخلفة الغرارة!!.
(( وقال الذي ءامن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد ، يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع ، وإن الآخرة هي دار القرار ))
إن الموتى - لو بكوا – ما بكوا من الموت! ولكنهم كانوا سيبكون من حسرة الفوت..فلقد تركوا دارا لم يتزودوا منها ، ودخلوا دارا لم يتزدوا لها!!
أخي الحبيب...
تزود من هذه الدنيا بالعمل الصالح...إنها فرصة!! وقد تكون الآن الفرصة الأخيرة !! فتزود من قبل أن يأتيك الموت فتندم على كلمات تفوهت بها ، وأفعال قد ارتكبتها !!
(( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون، لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ))
أخي الحبيب...
ألا تخاف أن تكون من هؤلاء الذين يقال لهم كلا!! ،
ألا تخاف من الحسرة في الآخرة!! ، إنها الفرصة ولعلها تكون الفرصة الأخيرة ؟!!
أخي...
تزود من هذه الدنيا للآخرة ، تزود من الفاني للباقي ، فلو كانت الدنيا من ذهب يفنى ، والآخرة من خزف يبقى ؛ لكان على العاقل أن يختار الخزف الباقي على الذهب الفاني!! فكيف والدنيا من خزف يفنى والآخرة من ذهب يبقى ؟!!
أخي....
تزود من التقى فإنك لا تدري إذا جن الليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات بغير علـة وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من صغار يرتجى طول عمرهم وقد دخلت أجسادهم ظلمة القبر
وكم من صبي يمسي ويصبح لاهيا وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم من عروس زينوها لزوجها وقد قبضت أرواحهم ليلة القدر
أخي...
حذار......حذار......أن تنسى الآخرة !!